سورة آل عمران - تفسير تفسير السيوطي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (آل عمران)


        


{هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138)}
أخرج ابن أبي شيبة في كتاب المصاحف عن سعيد بن جبير قال: أول ما نزل من آل عمران {هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين} ثم أنزل بقيتها يوم أحد.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله: {هذا بيان للناس} قال: هذا القرآن.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {هذا بيان} الآية. قال: هو هذا القرآن جعله الله بياناً للناس عامة {وهدى وموعظة للمتقين} خصوصاً.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الشعبي في الآية قال: {بيان} من العمى {وهدى} من الضلالة {وموعظة} من الجهل.


{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)}
أخرج ابن جرير عن الزهري قال: كثر في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم القتل والجراح حتى خلص إلى كل امرئ منهم البأس. فأنزل الله القرآن، فآسى فيه بين المؤمنين بأحسن ما آسى به قوماً كانوا قبلهم من الأمم الماضية فقال: {ولا تهنوا ولا تحزنوا} إلى قوله: {لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم}.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال: أقبل خالد بن الوليد يريد أن يعلو عليهم الجبل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «اللهمَّ لا يعلون علينا. فأنزل الله: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين}».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج قال: انهزم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب يوم أحد، فسألوا ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وما فعل فلان؟ فنعى بعضهم لبعض، وتحدثوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل، فكانوا في هم وحزن. فبينما هم كذلك علا خالد بن الوليد بخيل المشركين فوقهم على الجبل، وكان على أحد مجنبتي المشركين وهم أسفل من الشعب، فلما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم فرحوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم «اللهم لا قوّة لنا إلا بك، وليس أحد يعبدك بهذا البلد غير هؤلاء النفر، فلا تهلكهم» وثاب نفر من المسلمين رماة، فصعدوا فرموا خيل المشركين حتى هزمهم الله، وعلا المسلمون الجبل، فذلك قوله: {وأنتم الأعْلَوْنَ إن كنتم مؤمنين}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد {ولا تهنوا} قال: لا تضعفوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك {وأنتم الأعلون} قال: وأنتم الغالبون.


{إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)}
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس {إن يمسسكم} قال: أن يصبكم.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله} برفع القاف فيهما.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد {إن يمسسكم قرح} قال: جراح وقتل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله} قال: إن يقتل منكم يوم أحد فقد قتلتم منهم يوم بدر.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: نام المسلمون وبهم الكلوم يعني يوم أحد قال عكرمة: وفيهم أنزلت {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس} وفيهم أنزلت {إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون} [ النساء: 104].
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس {وتلك الأيام نداولها بين الناس} فانه كان يوم أحد بيوم بدر. قتل المؤمنون يوم أحد اتخذ الله منهم شهداء، وغلب رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين يوم بدر، فجعل له الدولة عليهم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس {وتلك الأيام نداولها بين الناس} قال: فانه أدال المشركين على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، وبلغني أن المشركين قتلوا من المسلمين يوم أحد بضعة وسبعين رجلاً، عدد الأسارى الذين أسروا يوم بدر من المشركين، وكان عدد الأسارى ثلاثة وسبعين رجلاً.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن {وتلك الأيام نداولها بين الناس} قال: جعل الله الأيام دولاً. مرة لهؤلاء، ومرة لهؤلاء. أدال الكفار يوم أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في الآية قال: والله لولا الدول ما أودى المؤمنون، ولكن قد يدال للكافر من المؤمن ويُبْتَلى المؤمن بالكافر، ليعلم الله من يطيعه ممن يعصيه، ويعلم الصادق من الكاذب.
وأخرج عن السدي {وتلك الأيام نداولها بين الناس} يوماً لكم ويوماً عليكم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي حاتم عن ابن سيرين {وتلك الأيام نداولها بين الناس} يعني الأمراء.
وأخرج ابن المنذر عن أبي جعفر قال: إن للحق دولة وإن للباطل دولة من دولة الحق. إن إبليس أمر بالسجود لأدم فأديل آدم على إبليس، وابتلي ادم بالشجرة فأكل منها فأديل إبليس على آدم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس {وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء} قال: إن المسلمين كانوا يسألون ربهم اللهم: ربنا أرنا يوماً كيوم بدر، نقاتل فيه المشركين، ونبليك فيه خيراً، ونلتمس فيه الشهادة.
فلقوا المشركين يوم أحد، فاتخذ منهم شهداء.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك في الآية قال: كان المسلمون يسألون ربهم أن يريهم يوماً كيوم بدر. يبلون فيه خيراً، ويرزقون فيه الشهادة، ويرزقون الجنة والحياة والرزق. فلقوا يوم أحد، فاتخذ الله منهم شهداء، وهم الذين ذكرهم الله تعالى فقال: {ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أمواتاً} [ البقرة: 154] الآية.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة {وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء} قال: يكرم الله أولياءه بالشهادة بأيدي عدوهم، ثم تصير حواصل الأمور وعواقبها لأهل طاعة الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيدة {وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء} يقول: أن لا تقتلوا لا تكونوا شهداء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الضحى قال: نزلت {ويتخذ منكم شهداء} فقتل منهم يومئذ سبعون، منهم أربعة من المهاجرين: منهم حمزة بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير أخو بني عبد الدار، والشماس بن عثمان المخزومي، وعبد الله بن جحش الأسدي، وسائرهم من الأنصار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: لما أبطأ على النساء الخبر خرجن يستخبرن فإذا رجلان مقتولان على دابة أو على بعير فقالت امرأة من الأنصار: من هذان؟ قالوا: فلان وفلان. أخوها وزوجها. أو زوجها وابنها، فقالت: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: حي... قالت: فلا أبالي يتخذ الله من عباده الشهداء. ونزل القرآن على ما قالت {ويتخذ منكم شهداء}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن ابن عباس {وليمحص الله الذين آمنوا} قال: يبتليهم {ويمحق الكافرين} قال: ينقصهم.
وأخرج ابن سعد عن محمد بن سيرين. إنه كانت إذا تلا هذه الآية قال: اللهمَّ محصناً ولا تجعلنا كافرين.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن إسحاق {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة} وتصيبوا من ثوابي الكرامة {ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم} يقول: ولمَ اختبركم بالشدة وأبتليكم بالمكاره؟ حتى أعلم صدق ذلك منكم. الإيمان بي، والصبر على ما أصابكم فيّ.

20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27